في خطوة وُصفت بالحاسمة، أعلنت الحكومة الأردنية حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها "جمعية غير مشروعة"، وسط أجواء من الترقب السياسي والشعبي، وردود فعل مرحبة في الداخل.
القرار، الذي أعلنه وزير الداخلية مازن الفراية في إيجاز صحفي يوم الأربعاء، جاء بعد سلسلة من الأحداث الأمنية والتوترات السياسية بين الجماعة والدولة.
وأكد الفراية أن الحظر جاء استناداً إلى معلومات موثقة تفيد بقيام أفراد من الجماعة بـ"نشاطات سرية تهدد الأمن والاستقرار"، في وقت تكشفت فيه خيوط قضية متعلقة بتصنيع أسلحة وصواريخ وطائرات مسيّرة والتواصل مع جهات خارجية.
وبحسب مصادر حكومية، فإن القرار لم يكن مفاجئاً، بل هو تتويج لمسار طويل من التوتر بين الدولة والجماعة، تصاعد خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما بعد الإعلان قبل نحو عشرة أيام عن توقيف 16 شخصاً على خلفية نشاطات أمنية خطيرة، تبيّن أن بعضهم من أبناء قياديين بارزين في الجماعة.
وفي خضم هذه التطورات، جاء بيان صادر عن حركة "حماس" يطالب السلطات الأردنية بالإفراج عن الموقوفين، الأمر الذي أثار استياءً رسمياً، واعتُبر تدخلاً خارجياً يفاقم الأزمة السياسية داخل الأردن.
يطرح القرار الحكومي تساؤلات جدّية حول مستقبل النواب المنتمين لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. ووفق ما أفادت به مصادر من الهيئة المستقلة للانتخاب، فقد ثبت أن ثلاثة من الموقوفين على خلفية قضية تصنيع الأسلحة، هم أعضاء في الحزب، ما دفعه إلى تجميد عضويتهم.
وفي حال اكتشاف أن بعض أعضاء البرلمان ينتمون تنظيمياً إلى الجماعة المحظورة، سيكون لزاماً عليهم التخلي عن هذا الانتساب، وقد يُجبرون على الاستقالة من الحزب، وهو ما قد يُسقط عضويتهم في البرلمان.
وتشير التحليلات إلى أن الحزب قد يفقد عدداً من مقاعده البرلمانية في حال تصاعد الإجراءات القانونية والإدارية ضده.
ولاقى القرار الحكومي تأييداً واسعاً داخل الأوساط السياسية والمجتمعية في الأردن، فرئيس مجلس النواب أعلن تأييده الكامل للحظر، مؤكداً أن "الدولة الأردنية راسخة ومستقرة ولن تسمح بأي تهديد لأمنها الداخلي".
وفي السياق ذاته، قامت قيادات بارزة في الجماعة، من بينهم المراقب العام مراد العضايلة، بحذف صفاتهم التنظيمية من مواقع التواصل، في مؤشر على محاولة النأي بالنفس عن التنظيم.
أما الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، فقد أعلن في مؤتمر صحفي أن الحزب "يمارس نشاطه تحت مظلة القانون والدستور"، لكنه لم يُخفِ قلقه من تداعيات القرار.
بالتوازي مع القرار، نفذت الأجهزة الأمنية الأردنية إجراءات عدة شملت تفتيش ومصادرة أجهزة حاسوب ووثائق من مقر حزب جبهة العمل الإسلامي، وسط مراقبة مشددة.
واعتبر مراقبون أن هذه الخطوات تمهد لمرحلة جديدة من التعاطي مع التيارات الإسلامية، وخصوصاً تلك المتصلة تنظيمياً بالإخوان المسلمين.
فيما تتجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه الأمور داخل قبة البرلمان، يبقى مصير الجماعة سياسياً وقانونياً مفتوحاً على احتمالات متعددة، وسط سعي الحكومة الأردنية إلى "إعادة ضبط إيقاع الحياة السياسية"، وفق وصف مصدر رسمي، بما يضمن استقرار البلاد في ظل تصاعد التحديات الإقليمية.
م.ال
اضف تعليق